تفاصيل المقال

أحكام زكاة الفِطْر -الجزء الثاني – (2)

أحكام زكاة الفِطْر -الجزء الثاني – (2)

أحكام زكاة الفِطْر -الجزء الثاني – (2)

 

المسألة الرابعة: حكم إخراج القيمة.

ذهب الجمهور من الفقهاء إلى عدم جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر؛ تمسكًا بظاهر النصوص الواردة فيها، لكن ذهب الحنفية، وهو مروي عن كثير من السلف منهم: عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاء وغيرهم جواز إخراج القيمة، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه آثارًا عن جُملة من السَّلف تُجوَزُ إخراج القيمة، وترجم للباب بقوله((في إعطاء الدراهم في زكاة الفطر)) ..

 

(1)- قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقْرَأُ إِلَى عَدِيٍّ بِالْبَصْرَةِ: ((يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْ أَعْطِيَّاتِهِمْ، عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ))[4].

 

(2)- قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ قُرَّةَ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ: ((نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ، أَوْ قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ))[5]

 

(3)- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ((لَا بَأْسَ أَنْ تُعْطِيَ الدَّرَاهِمَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرٍ))[6]

 

(4)- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يَقُولُ((أَدْرَكْتُهُمْ وَهُمْ يُعْطُونَ فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ الدَّرَاهِمَ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ))[7]

 

       ومما يدل على جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر:

  • - أن جماهير الفقهاء نظرت إلى الجانب المقاصدي في الأحاديث التي نصت على إخراج الطعام، فلم يقفوا عند الأصناف المنصوص عليها فقط، بل توسعوا وأوجبوا إخراج القُوت الغالب، ومن ثم يجوز إخراج أي طعام ولو كان غير ما نص عليه، وهو ضرب من ضروب الاجتهاد، وإذا قبُلِ َهذا الضرب، فليُقبل غيره.
  • - أنَّ إخراج القيمة قد يتفق مع المقصود في الجملة من وجوب زكاة الفطر، وهو غُنية الفقراء والمساكين عن السؤال في هذا اليوم، والغُنية تتحقق بالطعام وبالقيمة.
  • - أن إخراج القيمة قد يكون الأيسر للمُزكي والأحظ للفقير، وقد لُوحظت هذه المقاصد في زكاة المال الواجبة، وليس هناك ما يمنع من مُلاحظتها في زكاة الفطر ..
  •  
  •  المسألة الخامسة: مصارف صدقة الفطر.

أجمع الفقهاء على أن صدقة الفطر تُصرف للفقراء والمساكين ممن لا يلزم المزكي الإنفاق عليهم، فلا تُصرف لولد ولا لوالد، ولا لأخ أو أخت وجبت نفقتهم على المزكي لفقرهم، كما لا يجوز إخراجها لغني أو قادر على الكسب ممتنع عن التكسب ..

 

وهل هي خاصة بالفقراء المسلمين فقط أم لغير المسلمين أيضًا؟

الجمهور على أنها تجب لفقراء المسلمين فقط؛ لأنَّ العيد هو عيد المسلمين فقط، وأنَّ سبب وجوبها الفقر والإسلام. بينما ذهب الحنفية إلى جواز إخراجها لغير المسلمين ممن تربطهم علاقات حسنة وصلات طيبة بالمسلمين؛ لأن سبب وُجوبها هو الفقر فقط، وصَحَّ عن كثير من التابعين أنهم كانوا يُخرجونها لغير المسلمين.

وأرى أنه ليس هناك ما يمنع من إخراجها لغير المسلم غير المُعادي إذا كان هناك سعة ووفرة ..

 

لكن هل تُفرق صدقة الفطر على غير الفقراء والمساكين من الأصناف الواردة في زكاة المال، كالغارمين، وابن السبيل، وسبيل الله وغيرها؟

الجمهور على أنها لا تُصرف لغير الفقراء والمساكين؛ وهذا ما يتفق والمقصد من تشريعها، وإن كان هناك من ذهب إلى جواز إخراجها لبقية الأصناف الثمانية الواردة في زكاة المال لكن في جميع الأحوال يجب تقديم الفقراء والمساكين ..

 

هل يجوز نقلها من مكان إلى مكان؟

الأصل إخراج زكاة الفطر وتوزيعها في بلد المزكي وسد حاجاتهم إلاَّ أن يكون هناك فائض عن الحاجة، أو تُوجد أماكن أكثر حاجة كبعض البلاد التي تشهد كوارث ونكبات، فيجوز نقلها بما لا يُؤدي إلى ترك فقراء البلد بلا مورد ..

______________________________________

​[4] - مصنف ابن أبي شيبة، كِتَابُ الزَّكَاةِ، فِي إِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ برقم: (10368).  

[5] - مصنف ابن أبي شيبة، كِتَابُ الزَّكَاةِ، فِي إِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ برقم: (10369).  

[6] - مصنف ابن أبي شيبة، كِتَابُ الزَّكَاةِ، فِي إِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ برقم: (10370).  

[7] - مصنف ابن أبي شيبة، كِتَابُ الزَّكَاةِ، فِي إِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ برقم: (10371)

 

 



مقالات ذات صلة