تفاصيل المقال
 
                تفسير آيات الصيام من (التحرير والتنوير - (13) - إمام أهل المغرب، العلاّمة الطاهر بن عاشور، شيخ جامع الزيتونة (رحمه الله) ..
تفسير آيات الصيام من (التحرير والتنوير - (13) - إمام أهل المغرب، العلاّمة الطاهر بن عاشور، شيخ جامع الزيتونة (رحمه الله) ..
قوله تعالى: (لَيْلَةَ الصِّيَامِ): الليلة التي يعقبها صيام اليوم الموالي لها جرياً على استعمال العرب في إضافة الليلة لليوم الموالي لها إلا ليلة عرفه ، فإنَّ المراد بها الليلة التي بعد يوم عرفة ..
 
و (الرَّفَثُ) في الأساس واللسان: أنَّ حقيقته الكلام مع النساء في شُئون الالتذاذ بهن، ثُم أطلق على الجماع كناية، وقيل، هو حقيقة فيهما وهو الظاهر، وتعديته بــ (إِلَى) ليتعين المعنى المقصود، وهو الإفضاء، وقول: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ) جملة مستأنفة،كالعلة لما قبلها أي: أُحِلَّ لعسر الاحتراز عن ذلك .. 
ذلك أنَّ الصوم لو فرض على الناس في الليل، وهو وقت الاضطجاع لكان الإمساك عن قُربان النساء في ذلك الوقت عَنَتاً ومشقة شديدة ليست موجودة في الإمساك عن قُربانهن في النهار؛ لإمكان الاستعانة عليه في النهار بالبُعد عن المرأة، فقوله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ) استعارة بجامع شدة الاتصال حينئذ، وهي استعارة أحياها القرآن؛ لأنَّ العرب كانت اعتبرتها في قولهم: لاَبَسَ الشَّيْءَ الشَّيْءَ، إذا اتصل به؛ لكنهم صَيَّرُوها في خصوص زنة المفاعلة حقيقة عرفية، فجاء القرآن فأحياها وصيَّرها استعارة أصلية جديدة بعد أن كانت تبعية منسية، وقريب منها قول امرئ القيس: 
فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسِلِ
و (تَخْتَانُونَ) قال الراغب: الاختيان، مراودة الخيانة؛ بمعنى أنَّه افتعال من الخون، وأصله (تختونون) فصارت الواو ألفاً لتحركها، وانفتاح ما قبلها، وخيانة الأنفس تمثيل لتكليفها ما لم تُكَلَّف به، كأن ذلك تغرير بها؛ إذ يُوهمها أنَّ المشقة مشروعة عليها، وهي ليست بمشروعة، وهو تمثيل لمغالطتها في الترخص بفعل ما ترونه محرماً عليكم فتقدمون تارة وتحجمون أخرى، كمن يحاول خيانة، فيكون كالتمثيل في قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ)، والمعنى هنا: أنَّكم تلجئونها للخيانة، أو تنسبونها لها، وقيل: الاختيان أشد من الخيانة، كالاكتساب والكسب كما في (الكَشَّاف)، قُلت: وهو استعمال، كما قال تعالى: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ) ..
وقوله تعالى: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) الأمر للإباحة، وليس معنى قوله: (فَالْآنَ) إشارة إلى تشريع المباشرة حينئذ؛ بل معناه: فَالْآَنَ اتضح الحكم؛ فباشروهن ولا تختانوا أنفسكم، (وَابْتَغُوا): والابتغاء الطلب .. (مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ): ما أباحه من مباشرة النساء في غير وقت الصيام، أو اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد تحريضاً للنَّاس على مُباشرة النساء عسى أن يتكون النَّسل من ذلك، وذلك لتكثير الأُمَّة وبقاء النوع في الأرض .. 
_______________
* - للموضوع –صلة- بمشيئة الله تعالى ..
من تفسير " التحرير والتنوير"؛ لإمام أهل المغرب، العلاّمة محمد الطاهر بن عاشور، شيخ جامع الزيتونة (رحمه الله) ..
مقالات ذات صلة
- 
                      مُبارك عليكم العيد .. وتقبَّل اللهُ منَّا ومنكُم صالحَ الأعمال ..مُبارك عليكم العيد .. تقبَّل الله منَّا ومنكم صالح الأعمال .. وجعله الله عيد خير وبركة وسلام وأمن وأمان لأمَّة… السبت 10 ذو الحجة 1443 هـ 09-07-2022 م
- 
                      عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! – (4) - بقلم الدكتور احميدة سالم القطعاني ..عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! .. في (سُوريا) .. وما أدراكم ما (سُوريا) .. قلب بلاد الشام الجميلة… الثلاثاء 9 شوال 1443 هـ 10-05-2022 م
- 
                      عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! – (3) - بقلم الدكتور احميدة سالم القطعاني ..عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! .. ونحن نرى ونُشاهد ما يحدثُ لإخواننا المسلمين في (تُركستان الشرقية) بـ(الصِّين) الشُّيوعية… الاثنين 8 شوال 1443 هـ 09-05-2022 م





