تفاصيل المقال

كيف نستقبل شهر رمضان؟- (5)- بقلم: د. حمدي أبو سعيد

كيف نستقبل شهر رمضان؟- (5)- بقلم: د. حمدي أبو سعيد

كيف نستقبل شهر رمضان؟- (5)- بقلم: د. حمدي أبو سعيد

 

ومن الوقفات المُهمة بين يدي استقبال رمضان ...

7 – سابعاً: التدرُّبَ على عبادة قِيام الليل، والاستفادة في هذا الشَّهر المبارك من عبادة القيام فيه؛ والتي قال في ثوابها سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما في حديث أبي هُريرة رضي الله عنه في الصحيحين: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).[صحيح البخاري؛ برقم: (37)، و صحيح مسلم؛ برقم: (459)] .. والمُواظبة على فعلها في غير رمضان، وجعلها حالة تُلازم المسلم حتى يلقى الله وهو راضٍ عنه، ويستمر على هذا الخير، ولو بركعتين أو أربع ركعات كُل ليلة قبل صلاة الفجر، حتَّى تنصلح أحوالنا، وننعم في حياتنا بصُحبة القُرآن العظيم، وفي صحيح مُسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، سُئِلَ أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: أَدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ)).[صحيح مُسلم؛ برقم: (782)] ..

 

والله تعالى قد مدح أهل الإيمان والتَّقْوى، بجميل الخصال وجليل الأعمال، ومن أهمها قيام الليل؛ قال تعالى: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ (15) تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17).[سورة السَّجدة] ..

 

ومدح الله سُبحانه وتعالى عباد الرَّحمن، فذكر من صفاتهم أنّهُم يُقيمون اللَّيْل بين يدي الله والنَّاسُ نيام: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66).[سُورة الفُرقان] ..

 

وكان نبيبُّنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يقوم لله حتى تورَّمت قدماه؛ تّقُولُ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (( كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتى تَتَفطَّر قَدَمَاه، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رسُول اللَّهِ، وَقد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: "أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا")).[مُتفق عليه] .. 

 

وكان النَّبي صلى الله عليه وسلًم يحثُّ أصحابه وأُمَّته ويُرغِّبُهم في قيام الليل، فيقول: ((أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ)).[صحيح مسلم؛ برقم: (1163)] ..، ويقول عليه الصلاة والسَّلام: ((أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ، فإِنِ استطعْتَ أن تكونَ ممن يذكرُ اللهَ في تلْكَ الساعَةِ فكُنْ)).[سُنن الترمذي؛ برقم: (6579)؛ وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحح] ..

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((عجِب ربُّنا مِن رجُلينِ: رجلٍ ثار مِن وِطائِه ولحافِه مِن بينِ حِبِّه وأهلِه إلى الصَّلاةِ، فيقولُ اللهُ جلَّ وعلا: انظُروا إلى عبدي ثار مِن فِراشِه ووِطائِه مِن بينِ حِبِّه وأهلِه إلى صلاتِه رغبةً فيما عندي وشفقةً ممَّا عندي)).[صحيح ابن حبَّان؛ برقم: (2557)، وصححه الأرناؤوط] .. وقيام الليل يطرد الغفلة عن القلب؛ كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ).[صحيح أبي داوود؛ برقم: (1264)] ..

وقال صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ)).[سنن الترمذي؛ برقم: (3549)، بسند حسن] ..

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريلُ ، فقال: يا محمدُ عِشْ ما شئتَ فإنك ميِّتٌ، وأحبِبْ ما شئتَ، فإنك مُفارِقُه، واعملْ ما شئتَ فإنك مَجزِيٌّ به، واعلمْ أنَّ شرَفَ المؤمنِ قيامُه بالَّليلِ، وعِزَّه استغناؤه عن الناسِ)).[السلسلة الصحيحة؛ برقم: (1793)، وقال الشيخ ناصر: صحيحٌ بمجموع طُرقه] ..

 

و قال يحي بن معاذ: "دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتَّضرع عند السحر، ومُجالسة الصالحين " ..

وقيام الليل كان حال الصالحين من الصحابة الكرام قُدوة هذه الأمة، ومن جاء بعدهم من سلف الأمة رضي الله عنهم أجمعين، فقد كانوا يتلذذون بقيام الليل ويفرحون به أشَّد الفرح، قال محمد بن المنكدر: "ما بقي من لذات الدنيا إلاَّ ثلاث: قيام الليل ، ولقاء الإخوان، والصلاة في جماعة" ..

 

  • - للموضوع -صلة وتكملة بمشيئة الله تعالى-
  • - بقلم: د. حمدي أبو سعيد
 



مقالات ذات صلة