تفاصيل المقال
 
                تفسير آيات الصيام من تفسير (روح المعاني) –(4)- لإمام أهل العراق، العلاَّمة شهاب الدين، السيد محمود الآلوسي (رحمه الله) ..
تفسير آيات الصيام من تفسير (روح المعاني) –(4)- لإمام أهل العراق، العلاَّمة شهاب الدين، السيد محمود الآلوسي (رحمه الله) ..
(وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) مُخصصا بالنظر إلى المريض والمسافر كليهما، وعلى الأول مخصص بالنظر إلى الأول دون الثاني، وتكريره حينئذ لذلك التخصيص، أو لئلا يتوهم نسخه كما نسخ قرينه، والأول كما قيل على رأي من شرط في المخصص أن يكون مُتراخياً موصولاً، والثاني على رأي من جوز كونه مُتقدماً، وهذا بجعل المخصص هو الآية السابقة، و (مَا) هنا لمجرد دفع التوهم، ورجح المعنى الأول من المعنيين بعدم الاحتياج إلى التقدير، وبأن (الفاء) في (فَمَن شَهِدَ) عليه وقعت في مخرها مفصلة لما أجمل في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ) من وجوب التعظيم المستفاد مما في أثره على كل من أدركه، ومدركه إمَّا حاضر أو مُسافر، فمن كان حاضراً فحكمه كذا إلخ، ولا يحسن أن يقال من علم الهلال فليصم، (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ) فليقض لدخول القسم الثاني في الأول، والعاطف التفصيلي يقتضي المغايرة بينهما كذا قيل، لكن ذكر المريض يقوي كونه مخصصاً لدخوله فيمن (شَهِدَ) على الوجهين، ولذا ذهب أكثر النحويين إلى أن (الشَّهْر) مفعول به، (فالفاء) للسببية أو للتعقيب لا للتفصيل ..
(يُرِيدُ اللَّهُ) بهذا الترخيص (بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر) لغاية رأفته وسعة رحمته ...
(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) علل لفعل محذوف دل عليه (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ) إلخ؛ أي: وشرع لكم جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر المستفاد من قوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وأمر المرخص له بالقضاء، كيفما كان مُتواتراً أو مُتفرقاً، وبمراعاة عدة ما أفطره من غير نقصان فيه المستفادين من قوله سبحانه وتعالى: (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ومن الترخيص المستفاد من قوله عز وجل: (بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر ، أو من قوله تعالى: (فَعِدَّةٌ) إلخ (ِتُكْمِلُوا) إلخ، والأول علة الأمر بمراعاة عدة الشهر بالأداء في حال شهود الشهر، وبالقضاء في حال الإفطار بالعذر، فيكون علة لمعللين ..
أي: أمرناكم بهذين الأمرين لتكملوا عدة الشهر بالأداء والقضاء، فتحصلوا خيراته، ولا يفوتكم شيء من بركاته نقصت أيامه أو كملت (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ) علة الأمر بالقضاء وبيان كيفيته، (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) علة الترخيص والتيسير، وتغيير الأسلوب للإشارة إلى هذا المطلوب بمنزلة المرجو لقوة الأسباب المتآخذة في حصوله، وهو ظهور كون الترخيص نعمة، والمخاطب موقن بكمال رأفته وكرمه مع عدم فوات بركات الشهر، وهذا نوع من اللف لطيف المسلك، قلما يهتدى إليه؛ لأن مقتضى الظاهر ترك الواو لكونها عللاً لما سبق، ولذا قال: من لم يبلغ درجة الكمال أنها زائدة أو عاطفة على علة مقدرة ووجه اختياره، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلما فيه من مزيد الاعتناء بالأحكام السابقة مع عدم التكلف؛ لأن الفعل المقدر لكونه مشتملاً على ما سبق إجمالاً يكون ما سبق قرينة عليه مع بقاء التعليل بحاله، ولكونه مُغايراً له بالإجمال والتفصيل يصح عطفه عليه، وفي ذكر الأحكام تفصيلاً أوّلاً، وإجمالاً ثانياً، وتعليلها من غير تعيين ثقة على فهم السامع بأن يلاحظها مرة بعد أخرى، ويرد كل علة إلى ما يليق به ما لا يخفى من الاعتناء، وجوز أن تكون عللاً لأفعال مقدرة كل فعل مع علة، والتقدير (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) أوجب عليكم عدة أيام أخر (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ) علمكم كيفية القضاء (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) رخصكم في الإفطار، وإن شئت جعلتها معطوفة على علة مقدرة؛ أي ليسهل عليكم أو لتعلموا ما تعملون (وَلِتُكْمِلُوا) إلخ، وجعلت المجموع علة للأحكام السابقة إما باعتبار أنفسها أو باعتبار الإعلام بها ..
فقوله: ليسهل أو لتعلموا علة لما سبق باعتبار الإعلام وما بعده علة للأحكام المذكورة كما مر، ولك أن لا تقدر شيئاً أصلاً، وتجعل العطف على (اليُسْرَ)؛ أي: ويريد بكم (وَلِتُكْمِلُوا) إلخ، واللام زائدة مُقدرة بعدها أن وزيدت، كما قيل: بعد فعل الإرادة تأكيداً له لما فيها من معنى الإرادة في قولك جئتك لإكرامك، وقيل: إنها بمعنى أن كما في الرضي إلاَّ أنه يلزم على هذا الوجه أن يكون(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) عطفاً على (يُرِيُد)؛ إذ لا معنى لقولنا: يريد لعلكم تشكرون، وحينئذ يحصل التفكيك بين المتعاطفات وهو بعيد، ولاستلزام هذا الوجه ذلك وكثرة الحذف في بعض الوجوه السابقة، وخفاء بعضها عدل بعضهم عن الجميع، وجعل الكلام من الميل مع المعنى؛ لأن ما قبله علة للترخيص، فكأنه قيل: رخص لكم في ذلك لإرادته بكم اليسر دون (وَلِتُكْمِلُوا) إلخ ..
ولا يخفى عليك ما هو الأليق بشأن الكتاب العظيم، والمراد من التكبير الحمد والثناء مجازاً؛ لكونه فرداً منه، ولذلك عدي بـ (عًلَى)، واعتبار التضمين؛ أي: لتكبروا حامدين ليس بمعتبر؛ لأن الحمد نفس التكبير، ولكونه على هذا عبادة قولية ناسب أن يُعلل به الأمر بالقضاء الذي هو نعمة قولية أيضاً ..
وأخرج ابن المنذر وغيره عن زيد بن أسلم، أن المراد به التكبير يوم العيد، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه التكبير عند الإهلال ..
وأخرج ابن جرير عنه أنه قال: ((حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله تعالى، حتى يفرغوا من عيدهم؛ لأن الله تعالى يقول: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ) "وعلى هذين القولين لا يُلائم تعليل الأحكام السابقة، و (ما) يحتمل أن تكون مصدرية، وأن تكون موصولة؛ أي الذي هداكموه أو هداكم إليه، والمراد من الشكر ما هو أعم من الثناء، ولذا ناسب أن يجعل طلبه تعليلاً للترخيص الذي هو نعمة فعلية. وقرأ أبو بكر عن عاصم (ولتكمّلوا) بالتشديد. .
* - للموضوع –صلة- بمشيئة الله تعالى ..
* - للإمام شهاب الدين الألوسي (رحمه الله) ..
مقالات ذات صلة
- 
                      مُبارك عليكم العيد .. وتقبَّل اللهُ منَّا ومنكُم صالحَ الأعمال ..مُبارك عليكم العيد .. تقبَّل الله منَّا ومنكم صالح الأعمال .. وجعله الله عيد خير وبركة وسلام وأمن وأمان لأمَّة… السبت 10 ذو الحجة 1443 هـ 09-07-2022 م
- 
                      عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! – (4) - بقلم الدكتور احميدة سالم القطعاني ..عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! .. في (سُوريا) .. وما أدراكم ما (سُوريا) .. قلب بلاد الشام الجميلة… الثلاثاء 9 شوال 1443 هـ 10-05-2022 م
- 
                      عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! – (3) - بقلم الدكتور احميدة سالم القطعاني ..عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ؟! .. ونحن نرى ونُشاهد ما يحدثُ لإخواننا المسلمين في (تُركستان الشرقية) بـ(الصِّين) الشُّيوعية… الاثنين 8 شوال 1443 هـ 09-05-2022 م





